فصل: ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وستمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ أبي الفداء **


  ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وستمائة

والملك الكامل بالبلاد الشرقية وقد انثنى عزمه عن قصد بلاد الروم للتخاذل الذي حصل في عسكره ثم رحل وعاد إلى مصر وعاد كل واحد من الملوك إلى بلده‏.‏

وفيها توفي الملك الزاهر داود صاحب البيرة ابن السلطان صلاح الدين وكان قد مرض في العسكـر الكاملـي فحمـل إلـى البيـرة مريضـاً وتوفـي بهـا وملـك البيـرة بعده ابن أخيه الملك العزيز محمد صاحب حلب وكان الزاهر المذكور شقيق الظاهر صاحب حلب‏.‏

وفيها توفي القاضي بهاء الدين بن شـداد فـي صفـر وكـان عمـره نحـو ثلـاث وتسعيـن سنـة وصحب السلطان صلاح الدين وكان قاضي عسكره ولما توفي صلاح الدين كان عمر القاضي المذكور نحو خمسين سنة ونال القاضي بهاء الدين المذكور من المنزلة عند أولاد صلاح الدين وعنـد الأتابـك طغريـل مـا لـم ينلهـا أحـد ولـم يكـن فـي أيامـه من اسمه شداد بل لعل ذلك في نسب أمه فاشتهر به وغلب عليه وأصله من الموصل وكان فاضلاً ديناً وكان إقطاعه على الملك العزيز ما يزيد على مائة ألف درهم في السنة‏.‏

وفيها لما سارت الملوك إلى بلادهم من خدمة الملك الكامل وصل الملك المظفر صاحب حماة ودخلها لخمس بقين من ربيع الأول من هذه السنة واتفق مولد ولده المنصور محمد بعد مقدمه بيوميـن فـي الساعـة الخامسـة مـن يـوم الخميـس لليلتيـن بقيتـا مـن ربيـع الـأول مـن هـذه السنـة أعني سنة اثنتين وثلاثين وستمائة فتضاعف السرور بقدوم الوالد والولد‏.‏

قال الشيخ شرف الدين عبد العزيز بن محمد قصيدة طويلة في ذلك فمنها‏:‏ غدا الملك محروس الذرى والقواعد بأشـرف مولـود لأشـرف والـد حبينا به يوم الخميس كأنه خميس بدا للناس في شخص واحد وسميته باسم النبي محمد وجديه فاستوفى جميع المحامد أي باسم جديه الملك الكامل محمد والـد والدتـه والملـك المنصـور محمـد صاحـب حمـاة والـد والده ومنها‏:‏ كأني به في سدة الملك جالساً وقد ساد في أوصافه كل سائد ووافاك مـن أبنائـه وبنيهـم بأنجم سعد نورها غير خامد هضيئاً لك الملك الذي بقدومه ترحل عنا كل هم معاود وفيها لما تفرقت العساكر الكاملية قصد كيقباذ كيخسـرو صاحـب بلـاد الـروم حـران والرهـا وحاصرهما واستولى عليهما وكانا للسلطان الملك الكامل‏.‏

وفيها توفي بالقاهرة القاسم بن عمر بن علي الحموي المصري الدار المعروف بابن الفارض وله أشعار جيدة منها قصيدته التي عملها على طريقة الفقراء وهي مقدار ستمائة بيت‏.‏

  ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين وستمائة

في هذه السنة سار الناصر داود من الكرك إلى بغداد ملتجئـاً إلـى الخليفـة المستنصـر لمـا حصـل عنـده من الخوف من عمه الملك الكامل وقدم إلى الخليفة تحفـاً عظيمـة وجواهـر نفيسـة فأكرمـه الخليفـة المستنصر وخلع عليه وعلى أصحابه وكان الناصر داود يظن أن الخليفة يستحضره في ملأ من الناس كما استحضر مظفر الدين صاحب إربـل فلـم يحصـل لـه ذلـك وألـح في طلب ذلك من الخليفة فلم يجبه فعمل الناصر المذكور قصيدة يمـدح المستنصـر فيهـا ويعـرض بصاحـب إربل واستحضاره ويطلب الأسوة به وهي قصيدة طويلة منها‏:‏ فأنت الإمام العدل والمفرق الذي بـه شرفت أنسابه ومناصبه جمعت شتيت المجد بعد افتراقه وفرقت جمع المال فانهال كاتبه أيحسن في شرع المعالي ودينهـا وأنت الذي تعزى إليك مذاهبه بأني أخوض الدو والدو مقفـر سآريبـه مغبـرة وسباسبه وقد رصد الأعداء لي كل مرصد فكلهم نحوي تدب عقاربه منها‏:‏ وتسمح لي بالمال والجاه بغبتـي وما الجاه إلا بعض ما أنت واهبه ويأتيـك غيـري مـن بلـاد قريبة له الأمن فيها صاحب لا يجانبه فيلقى دنـواً منـك لـم ألـق مثلـه ويحص وما أحظى بما أنا طالبه وينظر من لـألآء قدسـك نظـرة فيرجع والنور الإمامي صاحبه ولو كـان يعلونـي بنفـس ورتبـة وصدق ولاء لست فيه أصاقبه لكنت أسلي النفس عما أرومه وكنت أذود العين عمـا يراقبـه ولكنـه مثلي ولو قلت أنني أزيد عليه لم يعـب ذاك عايبـه ومـا أنا ممن يملأ المال عينه ولا بسوى التقريب تقضى مآربه وفي هذه السنة سار السلطان الملك الكامل من مصر إلى البلـاد الشرقيـة واسترجـع حـران والرها من يد كيقباذ صاحب بلاد الروم وأمسك أجناد كيقباذ ونوابه الذين كانوا بهما وقيدهم وأرسلهم إلى مصر فلم يستحسن ذلك منه ثم عاد الملك الكامل إلى دمشق وأقام عند أخيه الملك الأشرف حتى خرجت هذه السنة‏.‏

وفي هذه السنة توفي شرف الدين محمد بن نصر بن عنين الزرعي الشاعر المشهور وكان شاعراً مفلقاً وكان يكثر هجو الناس عمل قصيدة خمسمائة بيت سماها مقراض الأعراض لم يسلم منها أحد من أهل دمشق ونفاه السلطان صلاح الدين إلى اليمن فمدح صاحبها طغتكين بن أيوب وحصل له منه أموال كثيرة عمل بها ابن عنين متجراً وقدم به إلى مصر وصاحبها حينئـذ العزيـز عثمـان ابـن السلطـان صلـاح الديـن فلمـا أخذت من ابن عنين زكاة ما معه على عادة التجار قال في العزيز‏:‏ ما كل من يتسمـى بالعزيـز لهـا أهل ولا كل برق سحبه غدقه بين العزيزيـن بـون فـي فعالهمـا فذاك يعطي وهذا يأخذ الصدقه ثم سار ابن عنين المذكور إلى دمشق ولـازم الملـك المعظـم عيسـى صاحـب دمشـق وبقـي عنده‏.‏

وتوفي بدمشق في هذه السنة وديوانه مشهور‏.‏

ذكر وفاة الملك العزيز صاحب حلب وفي هذه السنة كان قد خرج الملك العزيز محمد ابن الملك الظاهر غازي ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى حارم للصيد ورمى البندق واغتسل بماء بارد فحم ودخل إلى حلـب وقـد قويـت بـه الحمـى واشتـد مرضـه وتوفـي فـي ربيـع الـأول مـن هذه السنة وكان عمره ثلاثاً وعشريـن سنـة وشهـوراً وكـان حسـن السيـرة فـي رعيتـه ولمـا توفـي تقـرر فـي الملـك بعـده ولده الناصر يوسف ابن الملك العزيز محمد وعمره نحو سبع سنين وقام بتدبير الدولة شمس الديـن لؤلـؤ الأرمني وعز الدين عمر بن مجلي وجمال الدولة إقبال الخاتوني والمرجع في الأمور إلى والدة الملك العزيز ضيفة خاتون بنت الملك العادل‏.‏

وفـي هـذه السنـة توفـي عـلاء الديـن كيقبـاذ بـن كيخسـرو صاحـب بلاد الروم وملك بعده ابنه غياث الديـن كيخسـرو بـن كيقبـاذ بـن كيخسـرو بـن قليـج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان بن سليمان ابن قطلمش بن أرسلان بن سلجوق‏.‏

وفي هذه السنة قويت الوحشة بين الملك الكامل وبين أخيه الملك الأشرف وكان ابتداؤها ما فعلـه شيركـوه صاحـب حمـص لمـا قصـد الملـك الكامـل بلـاد الـروم فاتفـق الملـك الأشـرف مـع صاحبة حلب ضيفة خاتون أخت الملك الكامل ومع باقي الملوك على خلاف الملك الكامل خلا الملك المظفر صاحب حماة فلما امتنع تهدده الملك الأشرف بقصد بلاده وانتزاعهـا منـه فقدم خوفاً من ذلك إلى دمشق وحلف للملك الأشرف ووافقه على قتال الملك الكامل وكاتب الملك الأشرف كيخسرو صاحب بلاد الروم واتفق معه على قتال أخيه الملك الكامل إن خرج من مصر وأرسل الملك الأشرف يقول للناصر داود صاحب الكرك إن وافقتني جعلتـك ولـي عهدي وأوصيت لك بدمشق وزوجتك بابنتـي فلـم يوافقـه الناصـر علـى ذلـك لسـوء حظـه ورحل إلى الديار المصرية إلى خدمة الملك الكامل وصار معه على ملوك الشام فسر به الملك الكامـل وجـدد عقـده علـى ابنتـه عاشـوراء التـي طلقهـا منـه وأركـب الناصـر داود بسناجـق السلطنة ووعده أنه ينتزع دمشق من الملك الأشرف أخيه ويعطيـه إياهـا وأمـر الملـك الكامـل أمـراء مصـر وولده الملك العادل أبا بكر ابن الملك الكامل فحملوا الغاشية بين يدي الملك الناصر داود وبالغ في إكرامه‏.‏

وفي هذه السنة توجه عسكر حلب مع الملك المعظم توران شاه عم الملك العزيز فحاصروا بغراس وكان قد عمرها الداويه بعد ما فتحها السلطان صلاح الدين وخربها وأشرف عسكر حلب على أخذها ثم رحلوا عنها بسبب الهدنة مع صاحب أنطاكية ثم إن الفرنج أغاروا علـى ربـض دربساك وهي حينئذ لصاحب حلب فوقع بهم عسكر حلب وولى الفرنج منهزمين وكثر فيهم القتل والأسر وعاد عسكر حلب بالأسرى ورؤوس الفرنج وكانت هذه الوقعة من أجل الوقائع‏.‏

وفي هذه السنة استخدم الملك الصالح أيوب ابن الملك الكامل وهو بالبلاد الشرقية وهي آمد وحصن كيفا وحران وغيرهـا نائبـاً عـن أبيـه الخوارزميـة عسكـر جلـال الديـن منكبرنـي فإنهـم بعـد قتله ساروا إلى كيقباذ ملك بلاد الروم وخدموا عنده وكان فيهم عدة مقدمين مثل بركب خان وكشلوخان وصاروخان وفرخان وبـردي خـان فلمـا مـات كيقبـاذ وتولـى ابنـه كيخسـرو وقبض على بركب خان وهو أكبر مقدميهم ففارقت الخوارزمية حينئذ خدمته وساروا عن الروم ونهبوا ما كان على طريقهم فاستمالهم الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل واستأذن أباه في استخدامهم فأذن له واستخدمهم‏.‏

  ثم دخلت سنة خمـس وثلاثيـن وستمائـة

وقـد استحكمت الوحشة بين الأخوين الكامل والأشرف وقـد لحـق الملك الأشرف الذرب وضعف بسببه وعهد بالملك إلى أخيه الملك الصالح إسماعيل ابن الملك العادل صاحب بصرى‏.‏

ذكر وفاة الملك الأشرف وفي هذه السنة توفي الملك الأشرف مظفر الدين موسى ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب وكان قد مرض بالذرب واشتد به حتى توفي في المحرم من هذه السنة وتملك دمشق أخوه الصالح إسماعيل بعهد منه وكان مدة ملك الأشرف دمشق ثمان سنين وشهوراً وعمره نحو ستين سنة وكان مفرط السخاء يطلق الأموال الجليلة النفيسة وكان ميمون النقيبة لم تنهزم له راية وكان سعيداً ويتفق له أشياء خارقة للعقل وكان حسن العقيدة وبنى بدمشق قصوراً ومنتزهـات حسنـة وكـان منهمكـاً فـي اللذات وسماع الأغاني فلما مرض أقلع عن ذلك وأقبل على الاستغفـار إلـى أن توفـي ودفـن فـي تربتـه بجانـب الجامـع ولـم يخلف من الأولاد إلا بنتاً واحدة توجها الملك الجواد يونس بن مودود ابن الملك العادل‏.‏

وكان سبب الوحشة بينه وبين أخيه الملك الكامل بعد ما كان بينهما من المصافات أن الملك الأشـرف لـم يبـق بيـده غيـر دمشـق وبلادهـا وكانت لا تفي بما يحتاجه وما يبذله وقت أخيه الملك الكامل إلى دمشق وأيضاً لما فتح الملك الكامل آمد وبلادها لم يزده منها شيئاً وأيضاً بلغه أن الملك الكامل يريد أن ينفرد بمصر والشام وينتزع دمشق منه فتغيـر بسبـب ذلـك ولمـا استقـر الملـك الصالـح إسماعيـل فـي ملـك دمشـق كتـب إلـى الملـوك مـن أهلـه إلى كيخسرو صاحب بلاد الروم في اتفاقهم معه على أخيه الملك الكامل فوافقوه علـى ذلـك إلا الملـك المظفـر صاحـب حمـاة وأرسل الملك المظفر رسولاً إلى الملك الكامل يعرفه انتماءه إليه أنه إنما وافق الملك الأشرف خوفاً منه فقبل الملك الكامل عذره وتحقق صدق ولائه ووعده بانتزاع سلمية مـن صاحـب حمص وتسليمها إليه‏.‏

ذكر مسير السلطان الملك الكامل إلى دمشق واستيلائه عليها ووفاته وما يتعلق بذلك‏:‏ لما بلغ الملك الكامل وفاة أخيه الملك الأشرف سار إلى دمشق ومعه الناصر داود صاحب الكرك وهو لا يشك أن الملك الكامل يسلم إليه دمشق لما كـان قـد تقـرر بينهمـا وأمـا الملـك الصالح إسماعيل فإنه استعد للحصار ووصل إليه نجدة الحلبيين وصاحب حمص ونازل الملك الكامل دمشق وأخرج الملك الصالـح إسماعيـل النفاطيـن فأحـرق العقيبـة جميعهـا ومـا بهـا مـن خانات وأسواق وفي مدة حصار وصل من عند صاحب حمص رجالة يزيدون على خمسين راجلاً نجدة للصالح إسماعيل وظفر بهم الملك الكامل فشنقهم بين البساتين عن آخرهم وحال نزول الملك الكامل على دمشق أرسل توقيعاً للملك المظفر صاحب حماة بسلمية فتسلمها الملك المظفر واستقرت نوابه بها وكان نزول الملك الكامل على دمشق في جمادى الأولى من هذه السنة في قوة الشتاء‏.‏

ثم سلم الملك الصالح إسماعيل دمشق إلى أخيه الملك الكامل وتعرض عنها بعلبك والبقـاع مضافـاً إلـى بصـرى وكـان قـد ورد من الخليفة المستنصر محي الدين يوسف ابن الشيخ جمال الدين ابـن الجوزي رسولاً للتوفيق بين الملوك فتسلم الملك الكامل دمشق لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى وكان الملك الكامل شديد الحنق على شيركوه صاحـب حمـص فأمـر العسكـر فبرزوا لقصد حمص وأرسل إلى صاحب حماة وأمره بالمسير إليها فبرز الملك المظفر من حماة ونزل على الرستن واشتد خوف شيركوه صاحب حمص وتخضع للملك الكامل وأرسل إليه نساءه ودخلن على الملك الكامل فلم يلتفت إلـى ذلـك ثـم بعـد استقـرار الملـك الكامـل فـي دمشق لم يلبث غير أيام حتى مرض واشتد مرضه وكان سببه أنه لما دخل قلعة دمشـق أصابـه زكـام فدخـل الحمـام وسكـب عليـه مـاء شديـد الحـرارة فاندفعـت النزلـة إلـى معدتـه وتورمت منها وحصل له حمى ونهاه الأطباء عن القيء وخوفوه منه فلـم يقبـل وتقيـأ فمـات لوقته وعمره نحو ستين سنة وكانت وفاته لتسع بقين من رجب من هذه السنة أعني سنة خمس وثلاثين وستمائة وكان بين موته وموت أخيه الملك الأشرف نحو ستة أشهر وكانت مدة ملكه لمصر من حين مات أبوه عشرين سنة وكان بها نائباً قبل ذلك قريباً من عشرين سنة فحكـم فـي مصـر نائبـاً وملكـاً نحـو أربعيـن سنـة وأشبـه حالـه حـال معاويـة بن أبي سفيان فإنه حكم وكان الملك الكامـل ملكـاً جليـلاً مهيبـاً حازمـاً حسـن التدبيـر أمنـت الطـرق فـي أيامـه وكـان يباشر تدبير المملكة بنفسه واستوزر في أول ملكه وزير أبيه صفي الدين بن شكر فلما مات ابـن شكـر لـم يستـوزر أحـداً بعـده وكان يخرج الملك الكامل بنفسه فينظر في أمور الجسور عند زيادة النيل وإصلاحها فعمرت في أيامه ديار مصر أتم العمارة وكان محباً للعلماء ومجالستهم وكانت عنده مسائل غريبة في الفقه والنحو يمتحن بها الفضلاء إذا حضروا في خدمته وكان كثير السماع للأحاديث النبوية تقدم عنده بسببها الشيخ عمر بن دحية وبنى له دار الحديث بين القصرين في الجانب الغربي وكانت سوق الآداب والعلوم عنده نافقة رحمه الله تعالى وكان أولاد الشيخ صدر الدين بن حمويه من أكابر دولته وهم الأمير فخر الدين ابن الشيخ وإخوته عماد الدين وكمـال الديـن ومعيـن الديـن أولـاد الشيـخ المذكـور وكـل مـن أولـاد الشيـخ المذكـور حاز فضيلتي السيف والقلم فكان يباشر التدريس ويتقدم على الجيش ولما مات السلطـان الملك الكامل بدمشق كان معه بها الملك الناصر داود صاحب الكرك فاتفق آراء الأمراء على تحليـف العسكر للملك العادل أبي بكر بن الملك الكامل وهو حينئذ نائب أبيه بمصر فحلف له جميـع العسكـر وأقامـوا فـي دمشـق الملـك الجـواد يونـس بـن مـودود ابن الملك العادل أبو بكر ابن أيوب نائبـاً عـن الملـك العـادل أبي بكر ابن الملك الكامل وتقدمت الأمراء إلى الملك الناصر داود بالرحيل عـن دمشـق وهـددوه إن أقـام فرحـل الملـك الناصـر داود إلـى الكـرك وتفرقـت العساكـر فسـار أكثرهم إلى مصر وتأخر مع الجواد يونس بعض العسكر ومقدمهم عماد الدين ابن الشيخ وبقي يباشر الأمور مع الملك الجواد ولما بلغ شيركوه صاحب حمص وفاة الملك الكامل فرح فرحاً عظيماً وأتاه فرج ما كان يطمع نفسه به وأظهر سروراً عظيمـاً ولعـب بالكـرة علـى خلـاف العادة وهو في عشر السبعين وأما الملك المظفر صاحب حماة فإنه حزن لذلك حزناً عظيماً ورحل من الرستن وعاد إلى حماة وأقام فيها للعزاء وأرسل صاحب حمص وارتجع سلمية من نـواب الملـك المظفـر وقطـع القناة الواصلة من سلمية إلى حماة فيبست بساتينها ثم عزم على قطع النهر العاصي عن حماة فسد مخرجه من بحيرة قدس التي بظاهر حمص فبطلت نواعير حماة والطواحين وذهب ماء العاصي في أودية بجوانب البحيرة ثم لما لم يجد له الماء مسلكاً عاد فهدم ما عمله صاحب حمص وجرى كما كان أولاً وكذلك كان قد حصل لصاحـب حلـب ولعسكرها الخوف من الملك الكامل فلما بلغهم موته أمنوا من ذلك‏.‏

ذكر استيلاء الحلبيين على المعرة وحصارهم حماة ولما بلغ الحلبيين موت الكامل اتفقت آراؤهم على أخذ المعرة ثم أخذ حماة من الملك المظفر صاحب حماة لموافقته الملك الكامل على قصدهم ووصل عسكر حلب إلى المعرة وانتزعوها من يد الملك المظفر صاحب حماة وحاصروا قلعتها وخرجت المعرة حينئذ عـن ملـك الملـك المظفر صاحب حماة ثم سار عسكر حلب ومقدمهم المعظم توران شاه بن صلاح الدين إلى حماة بعد استيلائهم على المعرة ونازلوا حماة وبها صاحبها الملك المظفر ونهب العسكر الحلبي بلاد حماة واستمر الحصار على حماة حتى خرجت هذه السنة‏.‏

ذكر غير ذلك من الحوادث في هذه السنة عقد لسلطان الروم غياث الدين كيخسرو بن كيقباذ بن كيخسرو العقد على غازية خاتون بنت الملك العزيز محمد صاحب حلب وهي صغيرة حينئذ وتولى القبول عن ملك بلاد الروم قاضي دوقات ثم عقد للملك الناصر يوسف ابن الملك العزيز صاحب حلب العقد على أخت كيخسرو وهي ملكة خاتون بنت كيقباذ بن كيخسرو بن قليج أرسلان وأم ملكة خاتون المذكورة بنت الملك العادل أبي بكر بن أيوب وكان قـد زوجهـا الملـك المعظـم عيسى صاحب دمشق بكيقباذ المذكور وخطب لغياث الدين كيخسرو بحلب‏.‏

وفيها خرجت الخوارزمية عن طاعة الملك الصالح أيوب بعد موت أبيه الملك الكامل ونهبوا البلاد‏.‏

وفيها سـار لؤلـؤ صاحـب الموصـل وحاصـر الملـك الصالـح أيـوب ابـن الملـك الكامـل بسنجـار فأرسل الملك الصالح واسترضى الخوارزمية وبذل لهم حران والرها فعادوا إلى طاعته واتقع مع بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل فانهزم لؤلؤ وعسكره هزيمة قبيحة وغنـم عسكـر الملـك الصالح منهم شيئاً كثيراً‏.‏

وفي هذه السنة جرى بين الملك الناصر داوود صاحب الكرك وبين الملك الجواد يونس المتولي على دمشق مصاف بين جينين ونابلس انتصر فيه الملك الجواد يونس وانهـزم الملـك الناصـر داود هزيمـة قبيحة وقوى الملك الجواد بسبب هذه الوقعة وتمكن من دمشق ونهب عسكر الملك الناس وأثقاله‏.‏

وفي أواخر هذه السنة ولد والدي الملك الأفضل نور الدين علي ابن الملك المظفر صاحب حماة‏.‏

  ثم دخلت سنة ست وثلاثين وستمائة

فـي هـذه السنـة رحـل عسكـر حلـب المحاصـرة لحماة بعد مولد الملك الأفضل وكان قد طالت مدة حصارهم لحمـاة وضجـروا فتقدمـت إليهـم ضيفـة خاتـون صاحبـة حلـب بنـت الملـك العـادل بالرحيل عنها فرحلوا وضاق الأمر على الملك المظفر في هذا الحصار وأنفق فيه أموالاً كثيرة واستمرت المعرة في يـد الحلبييـن وسلميـة فـي يـد صاحـب حمـص ولـم يبـق بيـد الملـك المظفـر غيـر حمـاة وبعريـن ولمـا جـرى ذلـك خـاف الملـك المظفر أن تخرج بعرين بسبب قلعتها فتقدم بهدمها فهدمت إلى الأرض في هذه السنة‏.‏

ذكر استيلاء الملك الصالح أيوب على دمشق وفي هذه السنة في جمادى الآخرة استولى الملك الصالح أيوب ابن السلطان لملك الكامل على دمشق وأعمالها بتسليم الملك الجواد يونس وأخذ العوض كنهـا سنجـار والرقـة وعانـة وكـان سبـب ذلـك أن الملـك العادل ابن الملك الكامل صاحب مصر لما علم باستيلاء الملك الجواد على دمشق أرسل إليه عماد الدين ابن الشيخ لينتزع دمشق منه وأن يعوض عنها إقطاعاً بمصـر فمال الجواد يونس إلى تسليمها إلى الملك الصالح حسبما ذكرناه وجهز على عماد الدين ابن الشيخ من وقف له بقصة فلما أخذها عماد الدين منه ضربه ذلك الرجل بسكين فقتله ولما وصل الملك الصالح أيوب إلى دمشق وصل معه الملك المظفر صاحب حماة معاضداً له وكان قد لاقاه إلى أثناء الطريق واستقر الملك الصالح أيوب المذكور في ملك دمشق وسار الجواد يونس إلى البلاد الشرقية المذكورة فتسلمها ولما استقر ملك الملك الصالح بدمشق وردت عليه كتـب المصريين يستدعونه إلى مصر ليملكها وسأله الملك المظفر صاحب حماة في منازلة حمص وأخذهـا مـن شيركـوه فبـرز إلـى الثنيـة وكـان قـد نازلـت الخوارزميـة وصاحـب حمـاة حمـص فأرسـل شيركـوه مـالاً كثيـراً وفرقـه في الخوارزمية فرحلوا عنه إلى البلاد الشرقية ورحل صاحب حماة إلى حماة ثم كر الملك الصالح عائداً إلى دمشق طالباً مصر وسار من دمشق إلى خربة اللصوص وعيد بها عيد رمضان ووصـل إليـه بعـض عساكـر مصـر مقفزيـن ولمـا خـرج الملـك الصالح من دمشق جعل نائبه فيها ولده الملك المغيث فتح الدين عمر ابن الملك الصالح وشرع الملك الصالح يكاتب عمه الصالح إسماعيل صاحب بعلبك ويستدعيـه إليـه وعمـه إسماعيـل المذكور يتحجج ويعتذر عن الحضور ويظهر له أنه معه وهـو يعمـل فـي الباطـن علـى ملـك دمشـق وأخذهـا من الصالح أيوب وكان قد سافر الملك الناصر صاحب الكرك إلى مصر واتفق مع الملك العادل أبي بكر ابن الملك الكامل على قتال الملك الصالح أيوب‏.‏

ووصـل أيضـاً فـي هـذه السنـة محـي الديـن ابـن الجـوزي رسولاً من الخليفة ليصلح بين الأخوين العادل صاحـب مصـر والصالـح أيـوب المستولـي علـى دمشـق وهـذا محي الدين هو الذي حضر ليصلح بين الكامـل والأشـرف فاتفق أنه مات في حضوره في سنة أربع وثلاثين وخمس وثلاثين أربعة من السلاطين العظماء وهم الملك الكامل صاحب مصر وأخوه الأشرف صاحب دمشق والعزيز صاحب حلب وكيقباذ صاحب بلاد الروم‏.‏

فقال في ذلك ابن المسجف أحد شعراء دمشق‏:‏ يا إمام الهدى أبا جعفر المن - صور يا من له الفخار الأثيل جاء والأرض بالسلاطين تزهى وغدا والديار منهم طلول أقفر الروم والشآم ومصـر أفهذا مغسل أم رسول

  ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وستمائة

في هذه السنة في صفر سار الملك الصالح إسماعيل صاحـب بعلبـك ومعـه شيركـوه صاحـب حمـص بجموعهمـا وهجموا دمشق وحصروا القلعة وتسلمها الصالح إسماعيل وقبض على المغيث فتح الدين عمر ابن الملك الصالح أيوب‏.‏

وكان الملـك الصالـح أيـوب بنابلـس لقصـد الاستيـلاء علـى ديار مصر وكان قد بلغه سعي عمه إسماعيل في الباطن‏.‏

وكان للصالح أيوب طبيب يثق به يقال له الحكيم سعد الدين الدمشقي فأرسله الصالح أيوب إلى بعلبك ومعه قفص من حمام نابلس‏:‏ ليطلعه بأخبار الصلح صاحب بعلبك وحال وصول الحكيم المذكور علم به صاحب بعلبك فاستحضره وأكرمه وسرق الحمام التي لنابلس وجعل موضعها حمام بعلبك ولم يشعر الطبيب المذكور بذلك فصار الطبيب المذكور يكتب أن عمك إسماعيل قد جمع وهو في نية قصد دمشق ويطبق فيقعـد الطيـر ببعلبـك فيأخـذ الصالـح إسماعيل البطاقة ويزور على الحكيم أن عمك إسماعيل قد جمع ليعاضدك وهو واصل إليك ويسرجه على حمام نابلس فيعتمد الصالح أيوب على بطاقة الحكيم ويترك ما يرد إليه من غيره من الأخبار‏.‏

واتفق أيضاً أن الملك المظفر صاحب حماة علم بسعي الصالح إسماعيل صاحب بعلبك في أخذ دمشق مع خلوها ممن يحفظها فجهز نائبه سيف الدين علي بن أبي علي ومعه جماعة من عسكر حماة وغيرهم وجهز معه من السلاح والمال شيئاً كثيراً ليصل إلى دمشق ويحفظها لصاحبها وأظهر الملك المظفر وابن أبي علي أنهما قد اختصما وأن ابن أبي علي قد غضب واجتمع معه هذه الجماعة وقد قصدوا فراق صاحب حماة لأنه يريد أن يسلم حماة للفرنج كل ذلك خوفاً من صاحب حمص شيركوه لئلا يقصد ابن أبي علي ويمنعه فلم تخف عن شيركوه هذه الحيلة ولما وصل ابن أبي جملي إلى بحيرة حمص قصده شيركوه وأظهر أنه مصدقه فيما ذكر وسأله الدخول إلى حمص ليضيفه وأخذ ابن أبي علي معه وأرسل من استدعى باقي أصحـاب ابـن أبـي علـي إلـى الضيافـة فمنهـم مـن سمـع ودخـل إلـى حمـص ومنهـم من هرب فسلم فلما حصلوا عنده بحمص قبض على ابن أبي علي وعلـى جميـع مـن دخـل حمـص مـن الحموييـن واستولى على جميع ما كان معهم من السلاح والخزانة وبقي يعذبهم ويطلب منهم أموالهم حتى امتصفاهـا ومـات ابـن أبـي علـي وغيـره فـي حبسـه بحمـص والـذي سلم وبقي إلى بعد موت شيركوه خلـص ولمـا جرى ذلك ضعف الملك المظفر صاحب حماة ضعفاً كثيراً‏.‏

وأما الملك الصالح أيوب فلما بلغه قصد عمه إسماعيل دمشق رحل من نابلس إلىالغور فبلغه استيلاء عمه على قلعة دمشق واعتقال ولده المغيث عمر ففسدت نيات عساكره عليه وشرعت الأمراء ومن معه من الملوك يحركون فقاراتهم ويرحلون مفارقين الصالح أيوب إلى الصالح إسماعيل بدمشق فلم يبق عند الصالح أيوب بالغور غير مماليكه وأستاذ داره حسام الدين بن أبي علي وأصبح الملك الصالح أيوب لا يدري ما يفعل ولا له موضع يقصده فقصد نابلس ونزل بها بمن بقي معه وسمع الناصر داود بذلك وكان قد وصل من مصر إلى الكرك فنزل بعسكره وأمسك الملك الصالح أيـوب وأرسلـه إلـى‏:‏ الكـرك واعتقلـه بهـا وأمر بالقيام في خدمته بكل ما يختاره ولما اعتقل الصالح أيوب بالكرك تفرق عنه باقي أصحابه ومماليكه ولم يبق منهم معه غير عمدة يسيرة ولما جرى ذلـك أرسل أخو الصالح الملك العادل أبو بكر صاحب مصر يطلبه من‏.‏

الملك الناصر داود فلم يسلمه الناصر داود فأرسـل الملـك العـادل وتهـدد الملـك الناصـر بأخـذه بلـاده فلـم يلتفـت إلـى ذلك‏.‏

ذكر غير ذلك وفي هذه السنة بعد اعتقال الملك الصالح بالكرك قصد الناصر داود القدس وكان الفرنج قد عمروا قلعتها بعد موت الملك الكامل فحاصرها وفتحها وخرب القلعة وخرب برج داود أيضاً وفـي هـذه السنـة توفـي الملـك المجاهـد شيركـوه صاحـب حمـص ابـن ناصـر الدين محمد بن شيركوه ابن شاذي وكانت مدة ملكه بحمص نحو ست وخمسين سنة لأن صلاح الدين ملكه حمص سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بعد موت أبيه محمد بن شيركوه وكان عمره يومئذ نحو اثنتي عشرة سنة وكان شيركوه المذكور عسوفاً لرعيته وملك حمص بعده ولده الملك المنصور إبراهيم بن شيركوه‏.‏

وفي هذه السنة استولى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل على سنجار وأخذها من الملك الجواد يونس بن مودود ابن الملك العادل‏.‏

ذكر خروج الملك الصالح أيوب من الاعتقال والقبض على أخيه الملك العادل صاحب مصر وملك الملك الصالح أيوب ديار مصر‏:‏ وفـي هـذه السنـة في أواخر رمضان أفرج الملك الناصر داود صاحب الكرك عن ابن عمه الملك الصالح أيوب واجتمعت عليه مماليكه وكاتبه إليها زهير وسار الناصر داود وصحبته الصالح أيوب إلى قبة الصخرة وتحالفا بها على أن تكون ديار مصر للصالح ودمشق والبلاد الشرقية للناصر داود ولما تملك الصالح أيوب لم يف للناصر بذلك وكان يتأول في يمينه أنه كان مكرهاً ثم سار إلى غزة فلما بلغ العادل صاحب مصر ظهور أمر أخيه الصالح عظم عليه‏.‏

وعلى والدته ذلك وبرز بعسكر مصر ونزل على بلبيس لقصد الناصر داود والصالح أخيه وأرسل إلـى عمـه الصالـح إسماعيـل المستولـي علـى دمشـق أن يبـرز ويقصدهمـا مـن جهة الشام وأن يستأصلهما‏.‏

فسار الصالح إسماعيل بعساكر دمشق ونزل الفوار فبينما الناصر داود والصالح أيوب في هذه الشـدة وهمـا بيـن عسكريـن قـد أحـاط بهمـا إذ ركبـت جماعـة مـن المماليـك الأشرفية ومقدمهم أيبك الأسمـر وأحاطـوا بدهليـز الملـك العـادل أبـي بكـر ابـن الملـك الكامـل وقبضوا عليه وجعلوه في خيمة صغيرة وعليه من يحفظه وأرسلوا إلى الملك الصالـح أيـوب يستدعونه فأتاه فرج لم يسمع بمثله‏.‏

وسار الملك الصالح أيوب والملك الناصر داود إلى مصر وبقي في كل يوم يلتقي الملك الصالح فوج بعد فوج من الأمراء والعسكر وكان القبض على الملك العادل ليلة الجمعة ثامن ذي القعدة من هذه السنة فكانت مدة ملكه نحو سنتين ودخل الملك الصالح أيوب إلى قلعة الجبل بكرة الأحد لست بقين من الشهـر المذكـور وزينـت لـه البلـاد وفـرح النـاس بمقدمـه وحصـل للملـك المظفر صاحب حماة من السرور والفرح بملك الملك الصالح بمصر ما لا يمكن شرحه فإنه مازال على ولائه حتى أنه لما أمسك بالكرك كان يخطب له بحماة وبلادها ولما استقر الملك الصالح أيوب في ملك مصر وصحبته الناصر داود حصل عند كل واحد منهما إشعار من صاحبه وخاف الناصر داود أن يقبض عليه فطلب دستوراً وتوجه إلى بلاده الكرك وغيرها‏.‏

ذكر وفاة صاحب ماردين فـي هـذه السنـة وقيـل فـي سنـة سـت وثلاثيـن توفـي ناصـر الديـن أرتـق أرسلـان بن أيلغازي بن إلبي بن تمرتاش بن أيلغازي بن أرتق صاحب ماردين وكان يلقـب الملـك المنصـور وملـك المذكـور مارديـن بعـد أخيـه حسام الدين بولق رسلان حسبما تقدم ذكره في سنة ثمانين وخمسمائة وبقي أرتق أرسلان متغلبـاً عليـه مملـوك والـده البقـش حتـى قتلـه أرتـق أرسلـان فـي سنـة إحـدى وستمائة واستقل أرتق أرسلان بملك ماردين حتى توفي في هذه السنة‏.‏

ولما مات الملك المنصور أرتق أرسلان ملك بعده ابنه الملك السعيد نجم الدين غازي بن أرتق أرسلان المذكور حتى توفي في سنة ثلاث وخمسين وستمائة ظناً ثم ملك بعده في السنة المذكورة ابنه الملك المظفر قرا أرسلان بن غازي بن أرتق أرسلان وكانت وفـاة المظفـر قـرا أرسلان المذكور سنة إحدى وتسعين وستمائة ظناً ثم ملك بعده ولده الأكبر شمس الدين داود ابن قرا أرسلان سنة وتسعة أشهر‏.‏

ثم توفي وملك بعده أخوه الملك المنصور نجم الدين غـازي بـن قـرا أرسلـان فـي سنـة ثلـاث وتسعيـن وستمائـة ظناً ونقلت وفيات المذكورين حسبما هو مشروح من تقويم حل ماردين ذكر فيه تواريخ بني أرتق ولم أتحقق صحة ذلك وسنذكر في سنة اثنتي عشـرة وسبعمائـة وفـاة الملـك المنصـور غـازي المذكـور فـي سنـة اثنتـي عشـرة وسبعمائـة إن شاء الله تعالى‏.‏